هتلر الشرير
من منا لا يعرف أدولف هتلر بصورة الطاغية المدمرة، عديمة القلب والإحساس، المعمِيَّة عن الإنسانية، شيطان عصره، ولكن لنتمهل قليلًا قبل المضي على ذلك ونقرأ ما بين السطور، فالبروباغندا الغربية اليوم لها نصيب الأسد من التأثير العالمي على وعي الفرد وهي من نقلت تلك الصورة النمطية المركَّزة عن هتلر، دون أن تخلا من الانحياز التأكيدي المتشبعة منه تلك البروباغندا. فقد كان هتلر وذلك مما لا ينكره أحد دكتاتوريًا بامتياز متبنيًا لأفكاره النازية المتمحورة حول العنصرية البحتة تجاه باقي الأعراق لتفوق العرق الآري بما تدعي النازية، ليكون وجبةً دسمة للإعلام الغربي المراعي بما يطرح لمصالحه فقط، فكما ذكرنا قبل قليل بأنه يحوي من الانحياز التأكيدي الكثير فنلقاه يردد في كل ساعة يذكر بها هتلر الهولوكوست والقتلى في الحروب التي خاضها أما عند ذكر أمريكا فلا نسمع عن المليون والنصف قتيل في الفلبين ولا عن المليونين والنصف إنسان المُبادين بالقصف الأمريكي والبريطاني دون التوغل أيضًا بالاغتصاب والقتل الجماعي بالعراق واليابان.. ولا نسمع أيضًا عن أصولهم المبنية في أرضٍ تمت إبادة سكانها كلهم ونسبتها لهم دون حق، بل بين كل تلك التُّرَّهات «الأخلاقية» بالنسبة لإجمالي ما قاموا به تبرز في عناوين إخباريَّاتهم الإنجازات العلمية، والإنسانية التي قد شوَّهوا سمعتها فأصبحت كلمة الإنسانية كلمةً كليشيهية لا يستخدمها إلا جلاد العبيد في خطاباته الوعظية عن نفي العنصرية. فكما هو مسلمٌ به المنتصر هو من يسجل التاريخ، وتماشيًا مع عصرنا هذا فالمنتصر هو من يسجل التاريخ وينشره ويعدل عليه حينما شاء ويزينه ويتحكم بمن يوزعه وكيف يوزعه، فيصل بالعولمة لكل من عجزت الكتب والجرائد الوصول له.
هتلر الطيب
وطبعًا مع هذا كله لم يكن هتلر ملائكيًّا يسعى لنشر الحب والتعايش بين البشر بكل لطف وبشاشةٍ منه، فكما رسَّخ الإعلام سابقًا فإنه فعلًا قد قام بمجازر جماعية دامية بين اليهود والمعاقين؛ إيمانًا منه بعقله المعاق أنه بذلك يصنع العرق الآري النقي الذي لا تجوبه شوائب، ولا نتغاضى أيضًا عن البروباغندا حينها في ألمانيا النازية فقد كانت كغسيلٍ حرفيْ لعقول الشعب الألماني آنذاك. فتلقى القذارة هنا وهناك، لكن التركيز يكون هنا فقط.. طرف هتلر أي أنه فعلًا شرير في القصة لكن ليس الوحيد فهناك ممن على خُطاه وأسوء ومع ذلك تمت تعمية جرائمهم وتقديم جرائم النازية مع المبالغة والتدشين بالصور والرمزيات والاستدلال بها كأبرز أمثلة الوحشية البشرية على طبقٍ من ذهب للعالم أجمع.
تأثير الإعلام المنتصر على الثقافة الفردية
لتصبح اليوم من الثقافة العالمية الراسخة التي لا يختلف عليها اثنان دلالة هتلر على الطغيان والأفكار المتطرفة، ليكون ذلك بمثابة إهانة شخصية لأي شخص تصفه بهتلر، وعلى النقيض تمامًا حين تشبه شخصًا بأبراهام لينكولن الذي قد «طبلت» له هوليوود حتى انتفخت صورته بشكل مبالغ فيه، فيعتبر من تصِفهُ بذلك كثناء ومدح، بالرغم من موافقته ودعمه الشديدين لليهود وحبه لهم؛ فكان مؤيدًا دائمًا لذهابهم لفلسطين فقد قال : “إعادة اليهود إلى وطنهم القومي في فلسطين حلم نبيل يشترك فيه كثير من الأمريكيين” فكما يقال : اذا عرف السبب بطل العجب، فلا نستغرب الآن الـ«تطبيل» المكثَّف من هوليوود له، وقد أثبتت كثير من مواقفه بغير ما شاع عنه بأنه محرر العبيد، بل كانت تلك قضية عالمية كانت بها أمريكا هي المتأخرة، وأستغلها لصالحه هو نفسه الذي كان يقول في خطاباته : (إن كان بإمكاني إنقاذ الاتحاد بلا تحرير أي عبد فسأفعلها، وإن كان بإمكاني إنقاذه بتحرير كل العبيد فسأفعلها) وأيضًا (سأقول، فإنني لم ولن أكون في جانب إحداث مساواة اجتماعية وسياسية بأي شكل بين العرقين الأبيض والأسود وأنا لم ولن أكون أبداً في جانب جعل الناخبين أو أعضاء هيئة المحلفين من الزنوج، ولا تأهيلهم لمسك المكاتب ولا لتزويجهم بالبيض، وسأقول بالإضافة لهذا إن هناك فرقا جسديا بين العرق الأبيض والعرق الأسود والذي أؤمن أن بسببه سيمنع إلى الأبد الحياة المشتركة بين العرقين من نواحي المساواة الاجتماعية والسياسية وأنا وكأي رجل آخر أفضل أن يكون منصب الرئاسة بيد العرق الأبيض).. وموقفنا نحن كمسلمين من ذلك واضح وصريح ففي حديث النبي ﷺ حين قال : (لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ ، ولا لأبيضَ على أسودَ ، ولا لأسودَ على أبيضَ - : إلَّا بالتَّقوَى ، النَّاسُ من آدمُ ، وآدمُ من ترابٍ) أثبت عدم جواز العنصرية في الإسلام بالكليَّة وأيضًا موقنا من القضية الفلسطينية واضح وعلني حيث أنها للعرب وليست لليهود.
الختام
فاليوم تعيد البروباغندا الغربية نفس الكرَّة مما فعلت مع هتلر بتكريره الحرفي وربط من تستهدف به، فمثلًا حرب روسيا وأوكرانيا، أبرز ما فضح ألاعيب البروباغندا الغربية للمغفلين عن تلك الحقيقة قديمة الأمد، وبطبيعة الحال لا يمكن الجزم بذلك لأننا قد نكون في شباك بروباغندا روسية، من يدري ؟
هل خطر ببالك بروباغندا مشهورة أثرت على الناس، شاركنا برأيك :
إذا لم تكن فطنا فإن الجرائد وسائر وسائل الإعلام ستجعلك تكره المضطهدين وتحب الذين يمارسون الاضطهاد
- مالكوم إكس
و في حال أعجبتك التدوينة يمكنك مشاركتها من هنا :
إذا وصلتك هذه النشرة من أحد اصدقائك يمكنك الاشتراك من هنا، فماذا تنتظر ؟
مصادر للاستزادة : [1]


